طاووس بن كيسان
مقدمة
"طاووس بن كيسان" ......... علم من أعلام التابعين ، كنيته ( أبا عبد الرحمن )
كان من أهل اليمن ..... وأهل اليمن كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أرق أفئدة
و حكم اليمن فى هذا الوقت "محمد بن يوسف الثقفى " أخو الحجاج ابن يوسف وكان ظالما سيئ الخلق
ورعه
فى يوم ذهب طاووس بن كيسان الى محمد بن يوسف الثقفى ليعظه ويذكره بالله لعل الله يشرح صدره
فذهب ومعه وهب بن المنبه ودخلوا علي محمد بن يوسف و أحسن استقبالهم لمكانتهم
وبدأ طاووس بن كيسان يتحدث اليه ويذكره بالله وبالآخرة وبالجنة والنار .... فأُعجب بكلامه وتأثر به حتى أنه أمر له بـ طيرسان - هو كساء أخضر كبير لايلبسه إلا الأكابر والعظماء -
وأخذ طاووس بن كيسان يتكلم ويعظ محمد بن يوسق و يزحزح الطيرسان من على كتفيه حتى سقط لأنه لا يريد ان يأخذ الطيرسان لعلمه بأن محمد بن يوسف ظالم ويأكل أموال الناس بالباطل
و لاحظ محمد بن يوسف ما فعله طاووس بن كيسان وغضب من ذلك ولكنه لم يتكلم
وبعد ان خرجوا من عند محمد بن يوسف قال له وهب بن المنبه لماذا لم تأخذ الطيرسان وتبيعه وتتصدق بماله على الفقراء حتى لا يغضب محمد بن يوسف ؟؟؟
فقال له: هو ما قلت - ولكن إن أخذت الطيرسان وبعته كما تقول سيفعل العلماء ذلك من بعدى ويقولوا نأخذ كما أخذ طاووس بن كيسان ،ولكنهم لن يبيعوا ويتصدقوا وانما سيأخذوه لانفسهم ، فلم أرد أن أكون أسوة سيئة.
فشل مكيدة محمد بن يوسف
أراد محمد بن يوسف أن يكيد لطاووس بن كيسان لينتقم منه
فأرسل اليه رجل بـ 700 درهم وطلب منه ان يجعل طاووس يأخذ المال بأى طريقه
و قال له إن فعلت لك 10 أضعاف هذا المبلغ
وبالفعل ذهب الرجل لطاووس وحاول بكل الطرق ان يعطيه المال ولكنه رفض ، فوضع الرجل المال داخل فجوة فى حائط ببيت طاووس دون ان يراه ، وعاد واخبر محمد بن يوسف انه نجح فى مهمته وانه اقنع بن طاووس واعطاه المال
وبعد مده أرسل محمد بن يوسف رجلان الى طاووس ليستردا المال وقالا ان الوالى أرسل المال له عن طريق الخطأ وهو يريد استعادته
فقال والله ما أخذت شيئا - فقالو كيف هذا وجاءوا بالرجل الذى وضع المال فى بيت طاووس فلما واجهه طاووس وقال له سألتك بالله هل أخذت منك شيئا ً ؟؟؟؟ فقال لا والله - واخبرهم بما فعل وكيف وضع المال دون علم طاووس -
فاخذوا المال واعادوه لمحمد بن يوسف وفشلت مكيدته بفضل الله
موعظته لسليمان بن عبد الملك
ذهب أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك إلى الحج ، وبعد أن انهى مناسكه قال :
ألتمسوا لنا عالماً يفقهنا فى دين الله ، قالوا هذا طاووس بن كيسان سيد فقهاء عصره
فدخل طاووس بن كيسان على سليمان بن عبد الملك وبعد حديث طويل بينهما قال طاووس بن كيسان:
"ياأمير المؤمنين إن صخرة كانت على شفير جهنم وهى على شفير بئر من آبار جهنم وقعت من على شفير البئر فما وصلت إلا بعد 70سنة ، أتدرى يا أمير المؤمنين لمن أعد الله عز وجل هذا البئر فى نار جهنم ؟؟؟؟
قال: لمن؟؟؟؟ ، قال لمن ولاه الله رعاية المسلمين فجار وظلمهم.
فبكى سليمان بن عبد الملك بكاءاً شديداً وقال له .... جزاك الله عنا خير الجزاء إلى أن خرج من عنده.
موعظته لعمر بن عبد العزيز
عندما تولى عمر ابن عبد العزيز الامارة بعث إلى طاووس بن كيسان وقال له يا طاووس أوصنى ،فكتب له رسالة فى سطر واحد ....
"إن أردت أن يكون عملك خيراً كله فاستعمل أهل الخير والسلام"
فلما وصلت الرسالة إلى عمر قال كفى بها موعظة
موقف مع هشام بن عبد الملك
عندما تولى هشام بن عبد الملك الخلافة ذهب الى الحج و قال ألتمسوا لنا رجلاً صالحاً من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقالوا له مات كل الصحابة ولم يبقى منهم أحد ولكن بقى أناس من التابعين وعلى رأسهم طاووس بن كيسان .
فقال أئتوا به ..... فلما دخل عليه طاووس بن كيسان فعل أربع أمور أغضبت أمير المؤمنين :
- خلع نعليه بحاشية بساطه
- سلم عليه من غير أن يدعوه أمير المؤمنين
- خاطبه باسمه دون كنيته
- جلس قبل أن يأذن له بالجلوس
استشاط هشام بن عبد الملك غضباً وقال له : ما حملك يا طاووس على ما فعلت؟؟؟
فقال له :ياأمير المؤمنين ....
- أما خلع نعلى ... فأنا أخلعهما كل يوم بين يدى ربى خمس مرات ولم يغضب على
- ولم اناديك بأمير المؤمنين لأن ليس كل المؤمنين راضيين عن أمرتك فما أردت أن أكون كاذباً
- ولم أخاطبك بكنيتك لأن المولى عز وجل خاطب الانبياء باسمائهم قال يا داود، يايحيى، ياعيسى
وخاطب أعدائه بالكنية فقال "تبت يدا ابى لهب وتب" فما اردت ان اكافيك
- وجلست قبل ان تأذن لى"فانى سمعت على بن ابى طالب يقول اذا اردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظرإلى رجل جالس وحوله قوم قيام بين يديه " فكرهت أن تكون ذلك الرجل الذى عد من أهل النار.
فاطرق هشام بن عبدالملك ونظرإلى الأرض وقال عظنى يا ابا عبدالرحمن.
فقال له :
" ياأمير المؤمنين إن فى جهنم حيات كالقلال وعقارب كالبغال تلدغ كل راعِ لايعدل فى رعيته"
ثم قام وانصرف... فبكى أمير المؤمنين حتى اخضلت لحيته من كثرة الدموع وقال له جزاك الله عنا خير الجزاء.
تجاوز المئة ولازال عالما
امتدت الحياة بطاووس بن كيسان حتى جاوز المئة ولكن الشيخوخة لم تؤثر على علمه
يقول عبد الله بن الشامى اتيت طاووسا فى بيته لأتعلم على يديه العلم فخرج إليً شيخ كبير فقلت له:أنت الأمام طاووس ؟قال:بل انا ابنه فقال انت ابنه فما بال طاووس كبر ولن انتفع بعلمه وخرف
فقال له لا لاتقل هذا فان أهل القرآن لا يخرفون ادخل عليه وستتلقى العلم على يديه فدخل عليه وسلم عليه وقال :لقد اتيتك طالباً علمك راغباً فى نصحك ، فقال : سل و اوجز ، فقال الرجل : سأوجز قدر الامكان
فقال له طاووس أتريد أن أجمع لك صفوة ما فى التوراة والزبور والانجيل والقرآن ؟؟؟ ، قال: نعم
فقال طاووس :
خاف الله تعالى خوفاً بحيث لا يكون شىء أخوف لك منه وارجه رجاءاً أشد من خوفك اياه واحب للناس ماتحب لنفسك.
وفاته
بينما كان طاووس يحج بيت الله وكانت الحجه رقم40 له
وبينما هو مع الحجيج وفاض من عرفات إلى المزدلفة وحط رحاله وصلى المغرب والعشاء واسلم جنبه إلى الارض فى المزدلفة و أراد أن ينام ليستريح ........ ففاضت روحه إلى بارئها جل وعلا
وكان هذا فى عام 106 هجريا
فمات محرما ملبيا ولقى الله عز وجل
موضوع: طاووس بن كيسان 
الأحد أغسطس 28, 2011 6:47 am
